أمينه الهاشمي
08-06-2006, 02:31 AM
أنا في المطبخ.. هل من منازل!!
http://img206.imageshack.us/img206/4423/19e3nr.gif
منذ التحقت بوظيفتي ك "ست بيت" و أنا أحاول أن أجد في قصاص الأشغال المنزلية متعة ما, تخفف من عصبيتي الجزائرية في التعامل مع الأشياء, قبل أن اعثر على طريقة ذكية لخوض المعارك القومية و الأدبية أثناء قيامي بمهامي اليومية.
و هكذا كنت أتحارب مع الإسرائيليين أثناء نفض السجاد و ضربه, و ارش الإرهابيين بالمبيدات أثناء رشي زجاج النوافذ بسائل التنظيف, و امسح الأرض بناقد أو صحافي أثناء مسحي البلاط و تنظيفه, و أتشاجر مع قراصنة كتبي و مع المحامين و الناشرين أثناء غسل الطناجر و حكها بالليفة الحديدة, و اكوي "عذالي" و أكيد لهم أثناء كي قمصان زوجي, و ارفع الكراسي و ارمي بها مقلوبة على الطاولات كما لو كنت ارفع بائعا غشني من عنقه.
أما أبطال رواياتي, فيحدث أن أفكر في مصيرهم و أدير شؤونهم أثناء قيامي بتلك الأعمال اليدوية البسيطة التي تسرق وقتي, من دون أن تستدعي جهدي, و في امكاني أن أحل كل المعضلات الفلسفية و أنا أقوم بها, من نوع التنظيف اللوبيا. و حفر الكوسة, و تنقية العدس من الحصى, أو غسل الملوخية و تجفيفها.
حتى أنني بعد عشرين سنة من الكتابة المسروقة من شؤون البيت, أصبحت لدي قناعة بأنه لا يمكن لامرأة عربية أن تزعم أنها كاتبة ما لم تكن قد أهدرت نصف عمرها في الأشغال المنزلية و تربية الأولاد, و لا تدعي أنها مناضلة, إن لم تكن حاربت أعداء الأمة العربية بكل ما وقعت عليه يدها من لوازم المطبخ, كما في نداء كليمنصو, وزير دفاع فرنسا أثناء الحرب العالمية الأولى, عندما صاح: "سندافع عن فرنسا, و ندافع عن شرفها بأدوات المطبخ و السكاكين.. بالشوك بالطناجر إذا لزم الأمر"
كليمنصو هو الرجل الوحيد في العالم الذي دفن واقفا حسب وصيته, و لا ادري إذا كان يجب أن أجاريه في هذه الوصية لأثبت أنني عشت و مت واقفة في ساحة الوغى المنزلية, خلف المجلى و خلف الفرن, بسبب "الزائدة القومية" التي لم استطع استئصالها يوما, و لا زائدة الأمومة التي عانيتها.
يشهد الله إنني دافعت عن هذه الأمة بكل طنجرة ضغط, و كل مقلاة, و كل مشواة, و كل تشكيلة سكاكين اشتريتها في حياتي, من دون أن يتقدم ذلك شيئا في قضية الشرق الأوسط.
http://img206.imageshack.us/img206/4423/19e3nr.gif
احلام مستعانمي
هي كاتبة موهوبة, ثرية بالإبداع و العطاء محترفة متمكنة جدا من أدواتها الكتابية, قادرة على صياغة الحدث ببراعة, تنسج حروف روايتها باهتمام شديد, حتى تبدو فصول كتاباتها أشبه بالقطع الأدبية فهي تملك رصيد كبير من الأفكار و ذخيرة من الخبرة و الآراء في الحياة.
http://img206.imageshack.us/img206/4423/19e3nr.gif
منذ التحقت بوظيفتي ك "ست بيت" و أنا أحاول أن أجد في قصاص الأشغال المنزلية متعة ما, تخفف من عصبيتي الجزائرية في التعامل مع الأشياء, قبل أن اعثر على طريقة ذكية لخوض المعارك القومية و الأدبية أثناء قيامي بمهامي اليومية.
و هكذا كنت أتحارب مع الإسرائيليين أثناء نفض السجاد و ضربه, و ارش الإرهابيين بالمبيدات أثناء رشي زجاج النوافذ بسائل التنظيف, و امسح الأرض بناقد أو صحافي أثناء مسحي البلاط و تنظيفه, و أتشاجر مع قراصنة كتبي و مع المحامين و الناشرين أثناء غسل الطناجر و حكها بالليفة الحديدة, و اكوي "عذالي" و أكيد لهم أثناء كي قمصان زوجي, و ارفع الكراسي و ارمي بها مقلوبة على الطاولات كما لو كنت ارفع بائعا غشني من عنقه.
أما أبطال رواياتي, فيحدث أن أفكر في مصيرهم و أدير شؤونهم أثناء قيامي بتلك الأعمال اليدوية البسيطة التي تسرق وقتي, من دون أن تستدعي جهدي, و في امكاني أن أحل كل المعضلات الفلسفية و أنا أقوم بها, من نوع التنظيف اللوبيا. و حفر الكوسة, و تنقية العدس من الحصى, أو غسل الملوخية و تجفيفها.
حتى أنني بعد عشرين سنة من الكتابة المسروقة من شؤون البيت, أصبحت لدي قناعة بأنه لا يمكن لامرأة عربية أن تزعم أنها كاتبة ما لم تكن قد أهدرت نصف عمرها في الأشغال المنزلية و تربية الأولاد, و لا تدعي أنها مناضلة, إن لم تكن حاربت أعداء الأمة العربية بكل ما وقعت عليه يدها من لوازم المطبخ, كما في نداء كليمنصو, وزير دفاع فرنسا أثناء الحرب العالمية الأولى, عندما صاح: "سندافع عن فرنسا, و ندافع عن شرفها بأدوات المطبخ و السكاكين.. بالشوك بالطناجر إذا لزم الأمر"
كليمنصو هو الرجل الوحيد في العالم الذي دفن واقفا حسب وصيته, و لا ادري إذا كان يجب أن أجاريه في هذه الوصية لأثبت أنني عشت و مت واقفة في ساحة الوغى المنزلية, خلف المجلى و خلف الفرن, بسبب "الزائدة القومية" التي لم استطع استئصالها يوما, و لا زائدة الأمومة التي عانيتها.
يشهد الله إنني دافعت عن هذه الأمة بكل طنجرة ضغط, و كل مقلاة, و كل مشواة, و كل تشكيلة سكاكين اشتريتها في حياتي, من دون أن يتقدم ذلك شيئا في قضية الشرق الأوسط.
http://img206.imageshack.us/img206/4423/19e3nr.gif
احلام مستعانمي
هي كاتبة موهوبة, ثرية بالإبداع و العطاء محترفة متمكنة جدا من أدواتها الكتابية, قادرة على صياغة الحدث ببراعة, تنسج حروف روايتها باهتمام شديد, حتى تبدو فصول كتاباتها أشبه بالقطع الأدبية فهي تملك رصيد كبير من الأفكار و ذخيرة من الخبرة و الآراء في الحياة.